اعتقالات جماعية ومصادرة.. السلطات الإيرانية تصعد حملتها الأمنية والقضائية ضد البهائيين
اعتقالات جماعية ومصادرة.. السلطات الإيرانية تصعد حملتها الأمنية والقضائية ضد البهائيين
في موجة جديدة من الضغوط الأمنية والقضائية، اعتقلت السلطات الإيرانية ستة مواطنين من سكان مدينة كرج، لتنفيذ أحكام السجن الصادرة بحقهم، فيما تم توقيف اثنين آخرين في مدينة كنبد كاووس على يد قوات الأمن.
تأتي هذه الاعتقالات في إطار سياسة مستمرة تستهدف البهائيين، أكبر أقلية دينية غير مسلمة في إيران، الذين يواجهون اضطهادًا ممنهجًا منذ الثورة الإيرانية عام 1979، وفق "إيران إنترناشيونال".
وبحسب موقع "هرانا" المعني بحقوق الإنسان في إيران، فقد تم اعتقال كل من نغمه ميرزا آقا، ومهين دخت سعادتمند منشادي، ومهشيد سفيدي، وثمر مسعودي، ومونا ذكايي، وناصر رجب يوم أمس الأحد 16 نوفمبر، بعد توجههم إلى دائرة تنفيذ الأحكام في محكمة الثورة بمدينة كرج، ونُقل المعتقلون إلى سجن كجویی لتنفيذ عقوباتهم، التي شملت السجن لمدة خمسة أشهر، بالإضافة إلى عامين بالحظر من السفر ومنع المشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
تهمة الدعاية ضد النظام
وجّهت السلطات إلى المعتقلين تهمة "الدعاية ضد النظام عبر نشر مقاطع فيديو"، وهي اتهامات شائعة يستخدمها النظام لتبرير ملاحقة البهائيين وممارسة الضغوط عليهم، ويشير التقرير إلى أن هؤلاء المعتقلين كانوا قد استُدعوا منتصف أكتوبر الماضي لتنفيذ أحكام السجن الصادرة بحقهم، بعد صدور الحكم في سبتمبر عن الشعبة 12 بمحكمة الاستئناف في محافظة البرز.
وفي سياق مماثل، اعتقلت قوات الأمن الإيرانية كل من أمين الله كوشكباغي وآروين عوض بور، البهائيين المقيمين في مدينة كنبد كاووس، يوم 12 نوفمبر، ونُقلا إلى مكان مجهول، ووفق "هرانا"، فقد اقتيد عوض بور بعد اعتقاله إلى منزله للتفتيش، حيث صادرت قوات الأمن هاتفه المحمول وعددًا من الكتب، أغلبها متعلقة بالديانة البهائية.
وبعد مرور خمسة أيام على الاعتقال، لم تتمكن عائلتا المعتقلين من الحصول على أي معلومات حول مصير أبنائهما، مما يزيد من حالة القلق والخوف التي يعيشها المجتمع البهائي في إيران.
تصعيد مستمر منذ أشهر
وتشير البيانات والتقارير الحقوقية إلى أن تصاعد الإجراءات ضد البهائيين في إيران ليس حادثًا عابرًا، بل جزءا من حملة طويلة الأمد للحد من ممارسة المجتمع البهائي لحقوقه الدينية والاجتماعية، فقد أظهرت تقارير موقع هرانا أن الانتهاكات ضد البهائيين شكلت نحو 72 في المئة من الحالات المسجلة المتعلقة بانتهاكات حقوق الأقليات الدينية خلال السنوات الثلاث الماضية.
ومن بين البهائيين الذين اعتقلوا خلال الأسابيع الماضية، فرهاد فهندز، ونوس مقصودي، وكوروش زياري، وشعله شهيدي، وليلى عدالتي، وأفشين حیرتیان، وشكيبا فرزان، وأفشين حقیقت، ونيكار ميثاقيان، وفردين بنغاله، ما يعكس شمولية الحملة وانتقائية السلطات الإيرانية في استهداف أفراد المجتمع البهائي بشكل ممنهج.
ردود فعل المجتمع الدولي
أصدرت الجامعة البهائية العالمية في 22 أكتوبر الماضي بيانًا ندّدت فيه بالموجة الجديدة من الإجراءات الأمنية والقضائية ضد البهائيين في إيران، ووصفتها بأنها مؤشر على تصاعد غير مسبوق في حملة القمع الممنهجة ضد هذه الأقلية، وأكدت المنظمة أن السياسات الحالية تمثل خرقًا صارخًا للحقوق الإنسانية الأساسية، وتستدعي تدخل المجتمع الدولي للضغط على السلطات الإيرانية لضمان حماية الأقلية من المزيد من الاعتداءات.
وقد أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في تقرير سابق حول "العنف على أساس الدين أو المعتقد"، استمرار الاضطهاد ضد البهائيين في إيران.
واعتبر غوتيريش هذا الأمر "من أخطر انتهاكات حقوق الإنسان في العالم"، مؤكداً أن السلطات الإيرانية تستخدم اتهامات سياسية فضفاضة مثل "الدعاية ضد النظام" لتجريم نشاطهم السلمي.
ودعا غوتيريش المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف هذه الانتهاكات وضمان حقوق البهائيين الأساسية في حرية المعتقد والتعليم والعمل.
وفي بيان، اعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش، أنّ اضطهاد السلطات الإيرانية للأقلية البهائية منذ الثورة الإسلامية في عام 1979، يشكّل "جريمة ضدّ الإنسانية".
ورأت المنظمة التي تتخذ في نيويورك مقرّاً أنّ البهائيين، يتعرّضون لعمليات اعتقال تعسّفية مستمرة ومصادرة لممتلكاتهم، كما وُضعت قيود على وصولهم إلى المدارس والعمل، وحرموا من الحق في الحصول على جنازات لائقة، وفق وكالة فرانس برس.
وقالت المنظمة، إنّ "التأثير التراكمي لعدّة عقود من القمع المنهجي يشكّل حرماناً منهجيا ومتعمّداً من الحقوق الأساسية للبهائيين، ويرقى إلى مستوى الاضطهاد الذي يشكل جريمة ضدّ الإنسانية".
الأثر النفسي والاجتماعي
تعكس الاعتقالات المتكررة والمداهمات والمصادرة المستمرة للممتلكات الشخصية حالة من الرعب والقلق في صفوف البهائيين، فالعديد من الأسر أصبحت تعيش في حالة دائمة من الخوف من الاعتقال أو المضايقة، ما يؤثر على حياتهم اليومية وحقهم في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية، ويُعد الحظر على السفر والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية إجراءً إضافيًا يحد من فرص المجتمع البهائي في المشاركة المدنية والتعليمية والمهنية، ويزيد من حالة التهميش التي يعاني منها منذ عقود.
قمع ممنهج واستبعاد من المجتمع
تشير المصادر غير الرسمية إلى أن أكثر من 300 ألف بهائي يعيشون في إيران، إلا أن الدستور الإيراني لا يعترف إلا بأربع ديانات رسمية هي الإسلام والمسيحية واليهودية والزرادشتية، ويعني ذلك أن البهائيين يعيشون على هامش المجتمع، محرومين من حقوقهم الأساسية، ويواجهون تحديات مستمرة في التعليم والعمل والحياة المدنية.
وتعكس الاعتقالات الأخيرة استمرار النظام في استخدام القانون والأجهزة الأمنية كأداة للسيطرة على هذه الأقلية، وتقليص فرصهم في بناء حياة مستقرة وآمنة.
البهائيون في إيران يشكلون أكبر أقلية دينية غير مسلمة، ويواجهون اضطهادًا ممنهجًا منذ الثورة الإيرانية عام 1979، التي أدت إلى مصادرة أراضيهم وممتلكاتهم، ومنعهم من العمل في الوظائف العامة، ومنع ممارستهم الطقوس الدينية بحرية.
خلال السنوات الأخيرة، ازدادت حالات الاعتقال التعسفي والتضييق القضائي على البهائيين، مع تصاعد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية عليهم.
وتُشير التقارير إلى أن هذه الانتهاكات تشمل مصادرة الممتلكات، ومنع التعليم، ومنع السفر، ومنع المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والثقافية، إضافة إلى الاعتقالات التعسفية والمحاكمات المبنية على اتهامات ملفقة مثل "الدعاية ضد النظام".
وتعكس هذه الانتهاكات استمرار سياسة القمع ضد أقلية لا تتمتع بحقوق دستورية كاملة، وتبرز التحديات التي يواجهها المجتمع الدولي في حماية حقوق الأقليات الدينية في إيران، وتدعو المؤسسات الحقوقية إلى تعزيز المراقبة الدولية والمساءلة، والعمل على إنهاء حالة الإفلات من العقاب التي تسمح للنظام بمواصلة انتهاكاته دون رادع، وضمان ممارسة المجتمع البهائي لحقوقه الأساسية في التعليم والعمل والعبادة والمشاركة المدنية.









